كتب الرحالة

مشاهدة الفيديو

عن المدينة

دار السلام

 

هي مدينةٌ من المدن القديمة، والتي كانت تُعد في السابق عاصمةً لجمهورية تنزانيا.

تعتبر واحدةً من المدن الكُبرى فيها، والمركز الاقتصادي لها، كما أنها من المدن الساحلية التي تطل على المحيط الهندي، وهذا ما أدى إلى انتشار العديد من المرافئ المهمة فيها، وهذا ما ساهم في تطوير دور التبادل التجاري بين تنزانيا والدول الأخرى، وخصوصاً تجارة القطن، والتوابل، والبن، والعاج وغيرها من السلع الأخرى ذات المواصفات الممتازة.

مدينة "دار السلام" القديمة لم تكن مدينةً مستقلة بل كانت جزءًا من أرض الزنج في شرق إفريقيا، وكانت تُعرف باسم "مزيزيما"، وكانت عبارةً عن ملتقى تجاري بين شرق إفريقيا، والصين، والهند، والجزيرة العربية، وهذا ما أدى إلى ازدهار، وتطور دار السلام وتحولها لمدينة كبيرة، فاعتمدت على التبادل التجاري كوسيلة من الوسائل التي ساهمت في نهوض مدينة دار السلام.

كانت مدينة "دار السلام" تتبع لحكم ذاتي، ومستقل أما عن انتشار اللغة العربية فيها فيعود إلى الحركات التجارية بين الجزيرة العربية، و"دار السلام" فعلّمَ التُجار العَرب سكانها اللغة العربية، ومع مرور الوقت اندمجت العربية مع اللغة السائدة هناك، والتي تعرف باسم "البانتو"، مما أدى إلى ظهور لغة جديدة عُرفت باسم "اللغة السواحلية"، وأيضًا ساهم الوجود العربي فيها إلى انتشار الدين الإسلامي بين سكانها.

خلال الحكم الأموي في التاريخ الإسلامي، ارتحل المسلمون إلى مدينة "دار السلام" حالها كحال العديد من المدن الإفريقية على الساحل الشرقي للقارة، وهذا ما ساهم في انتشار الإسلام بين سكان المدينة.

حكم سلاطين عُمان مدينة "دار السلام" بالإضافة إلى جميع مدن ومناطق ساحل شرق إفريقيا، وذلك بعد فترة العصور الوسطى، بعدها سيطرت البرتغال عليها، قبل أن تعود لقبضة السلاطين مرّةً أُخرى، وذلك في العام 1740م، خلال فترة ولاية "سعيد بن سلطان"، الذي اتخذ من دار السلام عاصمةً لحكمه، وغيّر اسم المدينة من "مزيزيما" إلى اسمها الحالي.

بعد حوالي قرنين من الزمان، تزعزع حكم العُمانيين، على إثر ثورة "زنجبار" التي اندلعت عام 1964م، بعدها صارت مدينة "دار السلام" تتبع لدولة جمهورية تنزانيا الاتحادية، التي نتجت عن الاتحاد بين مجموعة جزر زنجبار، ومناطق ساحل تنجانيقا، وبقيت المدينة عاصمةً لتنزانيا كما كانت من قبل، حتى فترة التسعينيات، حيثُ تحوّلت إلى العاصمة الحالية، ويُذكر أنّ الرحالة "فرديريك إلتون"، هو أوّل أوروبيٍ وصل مدينة "دار السلام" عام 1893م.

إنّ الغالبية العُظمى من السكان يُدينون بالدين الإسلامي، وقد وصلت نسبتهم إلى تسعين بالمئة من نسبة السكان، في العقد الثامن من القرن العشرين ميلادي، في حين يوجد في المدينة منذ سنوات طويلة العديد من المراكز الإسلامية، منها مركز الحرمين الإسلامي، الذي تتبع له مدرسة متوسطة إسلامية.

تحتوي مدينة "دار السلام" على العديد من الموارد الزراعية، والصناعية، وتتميز بوجود سوق متخصص ببيع الأسماك بأنواعها، وتصديرها إلى العديد من دول العالم، كما يوجد فيها البنك المركزي لجمهورية تنزانيا، وتحتوي على العديد من الشركات العامة، والخاصة وإن كافة العوامل الاقتصادية الموجودة فيها، أدت إلى تطورها، ونموها مع مرور الوقت.

كما أن للمشاريع التي أُقيمت فيها دورًا تنمويًا مهمًا، وخصوصًا التي اهتمت بتنظيم قطاع النقل العام، بالاعتماد على خط نقل السكك الحديدية، وأيضًا اهتمت مجموعة من الشركات باستقطاب الصناعات التجارية الإلكترونية، وخصوصًا الهواتف الخلوية، وأجهزة الحاسوب، وتميز السوق المحلي في دار السلام بانتشار العديد من المصانع المتخصصة بصناعة الملبوسات بكافة أنواعها.

أغلب سكان مدينة "دار السلام" من السكان الأصليين، مع وجود فئة من الأصول الآسيوية، وتتميز هذه المدينة بسرعة نموها السكاني الذي يصل لمعدل 5,6% سنويًا؛ إذ يصل عدد سكانها إلى ما يقارب الخمسة ملايين نسمة، وتوجد توقعات تشير إلى احتمالية ازدياد عدد السكان ليصل إلى ما يقارب الخمسة عشر مليونًا في عام 2050م.

تنتشر في "دار السلام" العديد من المؤسسات التعليمية، والجامعات ومن أهمها "جامعة دار السلام"، التي تعد أكبر، وأقدم جامعة في تنزانيا، ويصل عدد الطلاب فيها إلى ما يُقارب العشرين ألف طالب، والذين يدرسون كافة التخصصات الإنسانية، والعلمية.